سادساً: إن نصرة الكفار على المسلمين -بأي نوع من أنواع النصرة أو المعاونة ولو كانت بالكلام المجرد- هي كفر بواح، ونفاق صراح، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام -كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم- غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء. فعلى الذين وعدوا بهذا من المعارضين الأفغان أو غيرهم أن يبادروا بالتوبة، ويكفروا عن هذا العمل الشنيع بنصرة إخوانهم المسلمين ولو بالدعاء والمقال.
إننا إذ نذكّر بهذا الأمر العظيم لنناشد إخواننا المجاهدين القدماء لاسيما الشيخ
عبد رب الرسول سياف، والشيخ
برهان الدين رباني أن ينأوا بأنفسهم عن هذا، وأن يبادروا برفع الصوت عالياً بالبراءة منه، ونذكّرهم بالله ثم بما كنا ننصحهم به أيام الجهاد، ويؤكدون لنا أنه لن يكون أبداً، وهاهو ذا قد كان وأسوأ مما توقعنا. وهاهو ذا الشيطان يريد أن يحبط جهادهم للروس بولائهم للأمريكان! وليعتبروا بما قال
المعتمد بن عباد حين قال: ''لئن أرعى الجمال لـ
ابن تاشفين أحب إلي من أن أرعى الخنازير
للفونسو ''
الفونسو أمير النصارى الأسبان، وليعتبروا بما جرى لمن حالف
هتلر، ورضي بأن يكون رئيساً لبلاده في ظل الحكم النازي فصار ملعوناً عند شعبه إلى الأبد، كما حدث للجنرال
بيتان الفرنسي، وليعتبروا بما فعلت
أمريكا مع الأكراد فهي شاهد حي.
كما نناشد حكومة الإمارة الإسلامية في
أفغانستان أن تبادر بمبادرة صلح بينها وبين تحالف المعارضة بإصدار عفو عام، وتلبية بعض المطالب، وفتح باب الحوار والتفاهم، وإعطاء القادة المسلمين منهم فرصة لمناصب في الحكومة وما أشبه ذلك مما يحسم مادة الفرقة أو يقللها.
ثم نتوجه بالمناشدة إلى الكتاب والمذيعين والخطباء - في هذه البلاد وكل البلاد - أن يتقوا الله فيما يقولون، فربما أعانوا على قتل مسلم بكلمة أو بشطر كلمة، فأوبقت دنياهم وآخرتهم، وأحبطت أعمالهم عند الله، فإن {
الرجل يقول الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً} كما أخبر الصادق المصدوق.
فكيف والمراد الآن إبادة شعب مسلم، والثأر منه للهزائم المتتالية التي نـزلت بالصليبيين على يديه، منذ أكثر من قرن ونصف حتى إخراج الروس منه؟ كيف يتحدث العالم كله عن حملة شعواء، أولها في
بلاد الأفغان وآخرها في
أمريكا ووسطها في لجج البحار، وغرضها سحق شعب جائع منكوب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وسيتبعونه بغيره حتماً، ثم يتحدث من يتحدث في الصحف أو فوق المنابر من أهل الإسلام عن تأييد الحملة على الإرهاب، ووصف المجاهدين بأنهم إرهابيون، وينـزلقون في منـزلق المصطلحات الخدّاعة فيقولون: إن الله حرم الإرهاب، أو أن دين الإسلام بريء من الإرهاب، مع أن إرهاب أعداء الله في كتاب الله مطلوب ((
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ))[الأنفال:60] والنصر بالرعب من خصائص هذا النبي الكريم وأمته صلى الله عليه وعليهم وسلم. والله تعالى يقول: ((
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ))[الحشر:13].
أما أحزاب الكفر فكلٌّ منها يفسر الإرهاب كما يريد، لكنهم مجمعون على أن المجاهد المسلم في
فلسطين، أو
لبنان، أو
الشيشان، أو
كشمير، أو
الفلبين، أو
إرتيريا إرهابي!! بل كل مسلم دخل لهم مطاراً هو عرضة لهذه الوصمة.
وليعلم كل من أدان أو جرَّم أن لازم ذلك إجازة الانتقام! وهو ما لا تريد
أمريكا من الشعوب أكثر منه، ثم هي بعد ذلك ستنفرد بكيفية الانتقام، وتحديد من يشمله، وإلى أي مدى يبلغ بلا حسيب ولا رقيب، ولنا معها تجربة مريرة قائمة، ففي حربها مع
العراق أخذت التفويض من مجلس الأمن بالقتال، وأخذت التفويض من بعض علماء المسلمين بصد العدوان، والآن أين وصلت
أمريكا؟ لقد تجاوزت كل حد ولم تنته بعد، وأصبحت ثلاث دول في مجلس الأمن وكل الدول العربية والإسلامية تطالب برفع الحصار لكنها لم تفعل، ولن تَقِفَ أو تَكُفَّ حتى تستنـزف كل قطرة نفط في
الخليج و
العراق، وتقضي - إن استطاعت - على كل نسمة مؤمنة في المنطقة. فالله الله من التحديث بحديث المحاربين (العُرَنِيِّين) بين يدي
الحجاج بل من هو أعظم شراً منه بما لا يقاس.